الخميس، 10 يونيو 2021

الإبْداع ابنُ المُعاناة

 

عمان_وكالة التميُّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة


  الأستاذ الدكتور عبد الباسط أحمد المراشدة من العائلات العريقة في الرمثا، وولد في الأردن عام 1964م، حيث ترعرع فيها في ظل عائلة متواضعة يسودها الحب والأمل، وهو متزوج ولهُ ابنان وخمس بنات. ودرسَ الأستاذ الدكتور في مدرستين في مرحلة دراستهِ الأولى في بلدتهِ الرمثا وكانت حياتهُ المدرسية حياةً حافلة بالإنجازات والطموح، حيث الأمل والجدُّ والاجتهاد في الوصول إلى القمم منذُ نعومة أظفارهِ رفقاؤه في كل وقت، فعلى سبيل المثال كان لهُ أثر حتى في الأنشطة الرياضية في مدرستهِ بشهادة كل مَن عاصروه. وتبقى هذه من المراحل المُحببة له لأنه عاش فيها سعادة النجاح وبراءة الطفولة بكل معانيها.


     وبعدها أكملَ دراسته الجامعية في جامعة اليرموك في قسم اللغة العربية وآدابِها في عام 1983م، ومازال يحن لها حتى هذا الوقت، حيث قال الدكتور عبد الباسط عنها: "إنهُ مازالَ يشعُر بدفء المُحاضرات الموجودة هُناك". ودراستهُ الجامعية تعدُّ جادةً جدًا في الحصولِ على أفضل النتائج والعلامات المُتميزة إذا ما قيست في وقتنا هذا أو في فترة الثمانينيات وما قبلها، فكان طابعهُ المُتميز يحثهُ على مُنافسة الجميع في علوم اللغة العربية حتى مُدرسيه.

 

      وخلال مرحلتهِ الجامعية تعلمَ طرائق الحياة المثلى، واختلط مع أساتذتهِ وصادقهم في هذهِ المرحلة وما بعدها، فكان يدخل معهم في نقاشات علمية يذاع صيتها بين طلبة الكلية جميعهم، وكذلك اختلط مع الطلاب كافة من الطبقات المختلفة في المجتمع الأردني، ومن الدول الشقيقة والأجنبية أيضًا، وهذا جانب مهم في حياةِ كُل إنسان، ينبغي لجيل الشباب اليوم أن يتنبهوا له؛ لما له من دور عظيم في صقل شخصياتهم وتنمية خبراتهم الاجتماعية والمعرفية. وهكذا كانت مسيرته الجامعية في مرحلة البكالوريوس مليئة بالحب والعمل والإنجازات ولم تفقد أي جانب من جوانبها الإيجابية، ومازالت روحُ التنافس التي يمتلكُها تدعوهُ دائمًا إلى المنافسة والتزاحم على حضور المؤتمرات العلمية والمشاركة في كل مكان يكون فيه العلم.

 

      وتخرج من مرحلة البكالوريس بتقدير (جيد جدًّا) في عام 1987م، وبعدها توجه إلى الدراسات العليا؛ ليكمل دراسة الماجستير، وفي هذا الوقت كان يحملُ على عاتقهِ عبء الدراسة، وعبء كونه معلمًا نشيطًا يهتم بطلبته ويسعى دائمًا إلى الارتقاء بهم حق الارتقاء، وكذلك عبء المسؤولية فقد أصبح رب أُسرة في عمرٍ صغير كونهِ وحيدًا لعائلته، إلّا أن كل هذه الأعباء لم تستطع إيقافه أو الحد من طموحه عن مُتابعة مسيرتهِ المُشرقة، وأكمل رحلة الماجستير في جامعة اليرموك في عام 1993 بتقدير (جيد جدًا). حيث كان عنوان رسالتهِ "أثر مضمون الحياة والموت في بناء القصيدة في شعر بدر شاكر السياب"، واختار هذا العنوان مُتأثرًا بخطى أُستاذهِ علي الشرع في طريقة التعامل مع النصوص ومنهجيتهِ المُتميزة.

 

      وبعدَ ذلك أكمل دراستهُ  الدكتوراه في الجامعة الأردنية في عام 1996م، وفي هذهِ المرحلة من حياتهِ عانى معاناة شديدة وتحمل عبئًا كبيرًا لا نكاد نجد رجلًا يقدر على متابعة الدراسة في ظله، فقد انتقلت إلى الرفيق الأعلى والدتُه ومرض والده، بالإضافة إلى ما ذكرته الأعباء السابقة، وهكذا بدأت الحياة تضيق عليه شيئًا فشيئًا، إلا أنه لم يمتثل لضيقها، ولم يرض أن تكون دراسته سببًا في الحد من الدخل المادي لأسرته، فبات يعطي دروس تقوية في إحدى المراكز الثقافية حتى لا يشعر -قدر الإمكان- بالضيق أحدٌ من الأسرة غيره.

 

     وفي هذهَ الفترة عمل مُحاضرًا في مركز اللغات في الجامعة الأردنية لعام واحد، وبعدها أنهى مرحلة الدكتوراه في عام 2000م في فلسفة الأدب والنقد الحديث، بتقدير (جيد جدًا)، وبعد إكمالهِ لهذهِ المرحلة تعيّن مُباشرةً أُستاذًا مُساعدًا في جامعة جرش الأهلية، وكوّن فيها صداقات وزمالات رائعة وقريبة جدًّا لقلبهِ، واستمرت هذهِ المرحلة من حياته سنة واحدة، وبعدها انتقل إلى مدينة حايل في المملكة العربية السعودية، ليكون أُستاذًا جامعيًّا في كلية المعلمين في عام 2001م، واستمرت هذهِ المرحلة عامًا واحدًا أيضًا، وبعدها عادَ إلى الوطن وتعيّنَ في جامعة آل البيت في عام 2002م، وبدأ حياته الأكاديمية فيها.

 

     وفي هذهِ المرحلة من حياتهِ نشط في كتابة الأبحاث العلمية والكتب، والمشاركة في المؤتمرات أيضًا، فمن مؤلفاته على سبيل المثال لا الحصر: دراسة: التناص في الشعر العربي الحديث: السياب ودنقل ودرويش أنوذجًا. ودراسة: التناص في شعر الشاعر العثماني سيف الرحبي في عام 2014م. واشترك في المؤتمر الخامس لوزارة الثقافة في جامعة اليرموك لعام 2019م: المكان في الرواية الأردنية، ببحث تحت عنوان (المكان في رواية أبواب ومفاتيح).


      وفي مسيرته العلمية والعملية المُتميزة التي حقق خلالهما إنجازات جمَّة، اشترك في عدة جمعيات في كان فيها العضو النشيط والقائد الفذ، حيث كان عضوًا في لجان مؤتمرات تحضيرية وعلمية، ومحررًا في مجلة جمعية كُلية الآداب، وعضوًا في لجنة التحقيق في قضايا العاملين والأساتذة، ومقررًا في لجنة التحقيق في قضايا الطلبة في جامعة آل البيت، وكان له إسهام كبير في إلقاء المحاضرات والنشاطات العلمية المتنوعة على مدى الأعوام، فقد ألقى محاضرة النص الرقمي والتواصل الاجتماعي في جمعية الفكر في الرمثا في عام 2018م، وقام بندوةٍ تلفزيونية لبرامج آفاق قناة الرافدين، في ذكرى السياب لعام 2017م. 

 

       وبعد ذلك، في عام 2012م عمل أستاذًا مُشاركًا في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، واستمرَ فيها حتى نهاية عام 2013م، ثم في عام 2016م تعيّن برتبة أستاذ دكتور في جامعة آل البيت، وصار رئيسًا لقسم اللغة العربية وآدابِها، وهكذا متنقلًا من صرح علميٍّ إلى صرح علميٍّ أعلى، أنهى الأستاذ الدكتور عبد الباسط المراشدة حياتَهُ الأكاديمية في جامعة آل البيت في عام 2019م، مترأسًا خلالها عمادة كُلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق