عمان _ التميُّز الإخبارية _ ضُحى محمد الدقامسة
![]() |
| "صورة تعبيرية" |
اللغة فكرٌ كبير، وتواصلٌ بين الأفراد، وعلمٌ ذو نوافذ واسعة، فلها قيمةٌ كبيرة وعميقة لا يعيها إلا من يتغلغلُ في أعماقها، فهي لُغة التواصل بين الأفراد، ولكن مع تقدُم الزمان واختلاط الشعوب أصبحت اللغة في انحدار؛ أقبلت لُغة الضاد على الضياع لِعدم المُحافظة عليها والتهاون في قيمتها، إذ إن التبعية الثقافية أصبحت من أكبر العوائق التي تقف أمامها، واستبدال الأمم العربية للغتهم الأم باللغات المُعاصرة لمواكبة التطورات والخوضِ في طُرقها، حيث أصبحت أغلب الوظائف تتطلب استبدال لُغتهم الأم باللغات الأجنبية وشرط اتقانها؛ ووضع الموقع العالمي قائمة بأكثر 100 لغة انتشارًا حول العالم، موضحة أن الترتيب اعتمد على إجمالي المتحدثين بها مع المتحدثين الأصليين المنشأ، وتضم:
1- الإنجليزية بإجمالي 1268 مليونا.2- الماندرين الصينية بإجمالي 1120 مليونا.3- الهندية بإجمالي 637 مليونا.4- الإسبانية بإجمالي 538 مليونا.5- الفرنسية بإجمالي 280 مليونا.6- العربية الفصحى بإجمالي 274 مليونا.7- البنغالية بإجمالي 265 مليونا.8- الروسية بإجمالي 258 مليونا.9- البرتغالية بإجمالي 252 مليونا.10- الإندونيسية بإجمالي 199 مليونا.
وأقرّ الأستاذ الدكتور عبدالباسط المراشدة "عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية" في جامعة آل البيت، بأن الدوافع التي تجعل الأشخاص يبتعدون عن اللغة الأم لهم، أنّ جُلّ اعتقادهم بأن الحضارةالغربية بالتحديد هي الأقرب للمُعاصرة وأقرب للحداثة؛ وعلى ذلكَ فإنهم يرغبون بأن يظهروا أنفُسهم في خضم هذهِ الحضارة؛ وأيضًا أشارَ المراشدة بأنّ هذهِ القضية مُرتبطة بتربية المجتمع وتربية الحضور الثقافي الموجود في واقعنا العربي؛ وبالتالي يصبح ميول الأشخاص للغات الأخرى بما فيها من قوة وحداثة يتماشيان مع تطور العصر.
وذكرَ الأستاذ الدكتور في جامعة اليرموك عِرسان الراميني بأن اللغة العربية الفُصحى أصبحت مُستخدمة على صَعيد الكتابة فقط، ويصعُب على غير المُتخصصين فيها أن يستخدموها في الحديث اليومي فيما بينهم، فضلًا عن استخدامها يبدو مُتحذلقًا، وبالتالي، مُستغربًا، وأن اللغة العربية بحقولها الواسعة ومُفرداتها الجمّة أصبحت في غاية التعقيد لعدم الإهتمام بها، وقلة المُطالعة والقراءة كافية بأن تؤدي إلى ضعف لُغة الأشخاص وإنما أيضًا تهوي بهم إلى ضعف البُنيان الثقافي في المجالات المُختلفة.
وأشارَ الراميني بأن الأشخاص يتجهون في
مجتمعنا إلى تعلُم لغات أخرى، لأنّ هذهِ اللغات، وبخاصة الإنجليزية، أصبحت مُهمة
جدًا وضرورية في الحصول على وظائف، لا سيما في دوائر القطاع الخاص، لاعتماد هذهِ
الدوائر على المُستجدات العالمية في تطوير نفسها وامتلاك القُدرة على المُنافسة.
يُضاف إلى ذلك طموح الشباب في الدراسة في الدول الغربية.
وقالَ الراميني بأنّ اللغات الأجنبية أصبحت
مُتطلبًا أساسيًا عند التقديم لمعظم الوظائف، لأن مُعظم الوظائف تحتاج إلى استخدام
"الإنترنت"، ومعرفة اللغة الإنجليزية ضرورية لأداء هذهِ الوظائف أداءً
سليمًا وكافيًا. وأشارَ الراميني بأنهُ يوجد "إنترنت" عربي، لكن المواقع
العربية قاصرة جدًا بالقياس إلى المواقع الإنجليزية. إذ طُلاب الجامعات والمدارس
أيضًا يعيشون حالة من الانفصام بسبب أنّ النظام التعليمي لا يؤهلهم للتعامل مع
الواقع، بكل مُتطلباته وتعقيداته.
وأضافَ
المُعلم محمد الضامن بأنّ السعي في تعلم
أي لغة أجنبية ليس مُرتبطًا بجمالها أو سهولتها أو عجز اللغة الأم عن أمر ما تقوم
به اللغة الأجنبية، وإنما يرتبط ذلك بمدى قوة الأمم التي تتحدث بها وبانتشارها
جغرافيًّا ومعرفيًّا، وما يؤكد ذلك مثلًا، أننا نجد في القرن الماضي أن جُلّ
العالم تعلم وسار نحو اللغة الإنجليزية بحكم قوة بريطانيا العظمى وانتشارها من
خلال المستعمرات التي كانت تحت سيطرتها وكانت الإنجليزية تُدّرس في مدارسها وجامعاتها،
ومن ثمّ ارتبطَ كثير من مصطلحات العلوم بها، ولا سيما أنها باتت اللغة المشتركة
بين كل أفراد العالم، أو جلهم لأكون أكثر إنصافا؛ ومن ثَم يكون أمر تعلم اللغة الأجنبية
ممتازًا للفرد كونه بات سبيلًا إلى العمل والانفتاح على مختلف الأمم وثقافاتها
القديمة والحديثة في العالم.
وأشارَ الضامن
بأنّ هُناك مخاطر تعود على اللغة الأم بسبب تعلم اللغة الأجنبية فبكل تأكيد، ينبغي ألا
يؤدي تعلم اللغة الأجنبية إلى استعمالها بشكل كامل في مختلف جوانب الحياة والتخلي
عن اللغة الأم، فإذا كانت اللغة الأجنبية سبيلا للعمل أو الانفتاح على العالم،
فهذا لا يُعني أنها لغة بديلة، ولكن للأسف نجد أن بعض الذين يروجون لتعليم اللغات
الأجنبية، يكون ترويجهم قائمًا على إقناع العينة المستهدفة بالتعلُّم بأن اللغة
العربية أصبحت بالية قديمة ولم تعد تنفع لشيء في عصر التطور التكنولوجي السريع،
متناسين أنها اللغة التي ارتبط بها الكتاب الذي حفظه الله سبحانه وتعالى، "القرآن
الكريم"، وأنّ لا وجود لأمة دون لغة تحمل هويتها الثقافية.
وبيّن إيهاب عبابنة الناشط بالمجال الشبابي، بأنّ أغلب الشباب من الجيل الصاعد أصبحَ يُدرك أنّ
اللغة العربية لا تُفيد بشيء إلّا التواصل مع الأقارب والأصدقاء، فكل مجالات العمل
أصبحت تتطلب اللغات التي تُعتبر أساسية نوعًا ما من بين كافة اللغات، وهي
الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية؛ إذ على مستوى أبسط الوظائف أصبحت تُطلب لغة بل
وإتقان للكنة وقواعد الكلام رُغم أنهُ لربما لا يتمُ استخدامها أحيانًا.
وبينّ الكاتب والأديب أحمد باكير، بأنّ الأمة
عندما تكونُ ضعيفة ومهزومة فإن هذا الضعف ينعكس على اللغة التي ينطقونها وتفرض
اللُغات الأخرى وجودها على اللُغة الأصلية؛ وأشارَ أيضًا بأن الأديب لا يُمكن أن
يستبدل لغته الأم بلغةٍ أخرى، ولن تؤثر هذهِ الظاهرة عليه، ولكنهُ سوف يُعاني
كثيرًا من الآخرين لتجميلِ لغته الأم.
وأضاف باكير أيضًا، بأنّ المعرفة باللغات
الأخرى شيء جميل ومطلوب، ولكن الابتعاد عن اللغة العربية واستبدالها بلغةٍ أجنبية
هو ظاهرة خطيرة تدلُ على انهزام أصحاب اللغة وتدمير مستواها الثقافي والاجتماعي
على حدٍ سواء، وقُراء العرب تائهون بين ثقافتين مُختلفتين تمامًا ولن يستطيعوا أن
يستمروا في أي اتجاه من الاتجاهين.
