الخميس، 10 يونيو 2021

الخطر الذي يُهدد لُغة الضاد

 

عمان_وكالة التميُّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة


ترتفع في يومنا هذا أصوات من كل جانب تطلب يد العون لمساعدة لغة الضاد من الضياع الذي حلّ بها وشاكيةً الألم الذي وصلت إليه هي وأبناءُها، وخائفة أشد الخوف من القادم، هذه الأصوات ما هي إلاّ أصوات صادقة تنزف من الواقع الذي وصلنا إليه، وصادقة أشدّ الصدق في أنّ لُغة الضاد أصبحت فريسةً في خطر إن لم يُسارع العالم في تغيير واقعها الذي لا ينكره أحد. وتشهدُ الجامعات الأردنية اليوم تراجُعًا كبيراً في لغة الضاد لدى الطلبة وضعفًا في القراءة والكتابة وحتى التعبير وقد تفشت هذهِ الظاهرة حتى أصبحت أمرًا ملحوظًا في جميع الأقطار العربية.

 

 

ومن خلال محاورة صحفية ابتدأت الدكتورة خلود العموش أُستاذة علم اللغة والنحو المشاركة في الجامعة الهاشمية بأن الطلبة يعانون والكتبة عمومًا ضعفًا كبيرًا في اللغة العربية قراءة وكتابة ومحادثة، وهذا الضعف له تجليات ومظاهرعديدة من أبرزها عدم قُدرة الطلبة على التعبير عن ذواتهم بلُغة صحيحة وعدم إقتدارهم على ما يجول بخواطرهم دون أخطاء كما أنّ مَلكاتِهم القرائية في الشعر والنثر تُعد متواضعة جدًا.

 

كما أفادت أن أسباب ذلك مُتعددة وبعضها جوهري وبعضها ثانوي ومن أهم ذلك ضعف مُعلمي اللغة العربية في المدارس، كما عبرّت الأستاذة خلود بأن "فاقدُ الشئ لا يُعطيه". وأشارت أيضًا أنّ اهتمام أولئك ينصب في العادة على إستظهار القواعد أو المسائل اللغوية دون الحرص على تطبيق المهارات اللغوية في واقع الإستعمال؛ فتكون القاعدة والمسائل النظرية في واد وإستعمال القاعدة وتطبيق مهارات اللُغة في وادٍ آخر.

 

كما أشارت أنه من أسباب ذلك ضعف القراءة والمطالعة لدى الطلبة وهذا لا يؤدي إلى ضعف اللغة فقط وإنما ضعف البُنيان الثقافي لدى الطالب في المجالات المُختلفةوقالت العموش بأن العلاقة بين المدرسة  والجامعة جدليّة تستحق الوقوف إذ تدفع المدارس بطلبتها الضعفاء أصلًا إلى الجامعة؛ ويأتي إلى أقسام اللُغة العربية أضعف الطلبة ومهما اجتهدت هذهِ الأقسام بسويّة أولئك الطلبة فإن النتيجة بالغالب تكون لصالح استمرار متوالية الضعف، ويعود أولئك الطلبة مُعلمين إلى المدارس. "فماذا ننتظر من ثمارههم؟" ولا بد من معالجة الموضوع معالجة جذرية بأن يُختار أفضل الطلبة لدراسة لُغة الأمة ووعاء ثقافتها ولسان تنزيلها.

 

كما لفتت الأُستاذة خلود العموش بأنه لا بُدّ أن يَخرج مُعلم اللغة العربية من حدود المهنة إلى آفاق تخصصهِ العظيم عنوانًا لهذهِ اللُغة الشريفة التي خصّها الله عز وجل لسانًا لقرآنهِ سُبحانَهُ وتعالى فهو ليس موظفًا وهو ليس كأي مُعلّم، بل هو رُكن ركين في بناء الأمة، فليس كُل أحد يصلُح لأن يكون مُعلمًا للعربية، بل لا بُدّ من الإصطفاء والإختيار وحُسن الإعداد والتسلح بكل مقومات العلم الحديث.

 

كما أضافت العموش أنهُ علينا أن نقف طويلًا أمام ظاهرة ضعف الطلبة في العربية، فهو ضعف في مقومات الأمّة والدولة فاللغة القومية هي واحدة من أسرار قوّة الدول والأمم والعمل على الإرتقاء بها إنما هو إرتقاء ببناء الدولة والأمة، والأمة التي لا تُحسن التعبير بلسانها ضعيفة مهما توافرت لها أسباب القوة المادية.

 

كما أشارت أستاذة علم اللغة والنحو أنه لا بُدّ من مواجهة المشكلة لا التسويف بها، وعلينا أن نوظف الإعلام فهو حصان طروادة كما يصفهُ الأستاذ الدكتور نهار الموسى، خاصة في بناء لغة الصغار من خلال توفير برامج للأطفال ومواد إعلامية ثمينة في المحتوى واللسان والثقافة فهو أقدر على الإرتقاء بذائقة الطلبة وتعبيرهموكما وصفت الدكتورة خلود العموش بأن وسائل التواصل الحديثة سلاح ذو حدين فإما أن تكون آداة للهدم أو للبناء بحسب ما يُراد لها، وإنّ من يتصفح مواقع التواصل اليوم ليظن أن اللغة العربية في حالة احتضار لكثرة ما فيها من الأخطاء.

 

كما ذكرت العموش أنه في الجامعات لا بُدّ من تعريب التعليم في التخصصات كافة ولا بُدّ من تطوير المُحتوى لمادة اللغة العربية مُتطلبًا جامعيًا بحيث تؤدي غرضها قي رفع سوية الطالب اللغوية في واقع الإستعمال، قراءة وكتابة ومحاورة، وليس مُجرد متطلب عابر في حياة الطالب. ولفتت الدكتورة خلود العموش أنهُ يجب الإبتعاد عن التلقين في تدريس اللغة والإنتقال إلى فضاء الممارسة والتواصل وأن ندرب طلبتنا على مهارات التواصل اللغوي الفعّال والمُثمر.


وقالت العموش أنّ هناك ضعفًا لدى طلبة الدراسات العُليا، والطموح أن تكون أطاريحهم أفضل مما هو كائن وأن تكون هذه الرسائل مرآة ساطعة للُغتهم الأم في أجمل تجلياتهاوكما اعترفت الدكتورة خلود العموش بأن الطالب يقوم بالتفاخر بإستعمال اللغات الأجنبية وزهوهِ بها يجب أن يتوقف ويجب أن يحل محلَهُ إعتزاز صريح بلغتنا القومية لُغة القرآن الكريم فإنه ما تركَ قوم لغتهم إلاّ ذلّوا.

 

واختتمت العموش في نهاية المحاورة بأن الطالب اليوم لا يُحسن القراءة  ولا يُحسن التعبير، وإذا قرأ فإنهُ لا يفهم بشكل صحيح ما يقرأ وهذهِ مظاهر صغيرة ينبغي أن تتوقف، ولا بُدّ من تضافر الجهود لحلها والتنسيق الكامل بين المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام في خدمة هذا الهدف الجليل.

 

 

 

الإبْداع ابنُ المُعاناة

 

عمان_وكالة التميُّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة


  الأستاذ الدكتور عبد الباسط أحمد المراشدة من العائلات العريقة في الرمثا، وولد في الأردن عام 1964م، حيث ترعرع فيها في ظل عائلة متواضعة يسودها الحب والأمل، وهو متزوج ولهُ ابنان وخمس بنات. ودرسَ الأستاذ الدكتور في مدرستين في مرحلة دراستهِ الأولى في بلدتهِ الرمثا وكانت حياتهُ المدرسية حياةً حافلة بالإنجازات والطموح، حيث الأمل والجدُّ والاجتهاد في الوصول إلى القمم منذُ نعومة أظفارهِ رفقاؤه في كل وقت، فعلى سبيل المثال كان لهُ أثر حتى في الأنشطة الرياضية في مدرستهِ بشهادة كل مَن عاصروه. وتبقى هذه من المراحل المُحببة له لأنه عاش فيها سعادة النجاح وبراءة الطفولة بكل معانيها.


     وبعدها أكملَ دراسته الجامعية في جامعة اليرموك في قسم اللغة العربية وآدابِها في عام 1983م، ومازال يحن لها حتى هذا الوقت، حيث قال الدكتور عبد الباسط عنها: "إنهُ مازالَ يشعُر بدفء المُحاضرات الموجودة هُناك". ودراستهُ الجامعية تعدُّ جادةً جدًا في الحصولِ على أفضل النتائج والعلامات المُتميزة إذا ما قيست في وقتنا هذا أو في فترة الثمانينيات وما قبلها، فكان طابعهُ المُتميز يحثهُ على مُنافسة الجميع في علوم اللغة العربية حتى مُدرسيه.

 

      وخلال مرحلتهِ الجامعية تعلمَ طرائق الحياة المثلى، واختلط مع أساتذتهِ وصادقهم في هذهِ المرحلة وما بعدها، فكان يدخل معهم في نقاشات علمية يذاع صيتها بين طلبة الكلية جميعهم، وكذلك اختلط مع الطلاب كافة من الطبقات المختلفة في المجتمع الأردني، ومن الدول الشقيقة والأجنبية أيضًا، وهذا جانب مهم في حياةِ كُل إنسان، ينبغي لجيل الشباب اليوم أن يتنبهوا له؛ لما له من دور عظيم في صقل شخصياتهم وتنمية خبراتهم الاجتماعية والمعرفية. وهكذا كانت مسيرته الجامعية في مرحلة البكالوريوس مليئة بالحب والعمل والإنجازات ولم تفقد أي جانب من جوانبها الإيجابية، ومازالت روحُ التنافس التي يمتلكُها تدعوهُ دائمًا إلى المنافسة والتزاحم على حضور المؤتمرات العلمية والمشاركة في كل مكان يكون فيه العلم.

 

      وتخرج من مرحلة البكالوريس بتقدير (جيد جدًّا) في عام 1987م، وبعدها توجه إلى الدراسات العليا؛ ليكمل دراسة الماجستير، وفي هذا الوقت كان يحملُ على عاتقهِ عبء الدراسة، وعبء كونه معلمًا نشيطًا يهتم بطلبته ويسعى دائمًا إلى الارتقاء بهم حق الارتقاء، وكذلك عبء المسؤولية فقد أصبح رب أُسرة في عمرٍ صغير كونهِ وحيدًا لعائلته، إلّا أن كل هذه الأعباء لم تستطع إيقافه أو الحد من طموحه عن مُتابعة مسيرتهِ المُشرقة، وأكمل رحلة الماجستير في جامعة اليرموك في عام 1993 بتقدير (جيد جدًا). حيث كان عنوان رسالتهِ "أثر مضمون الحياة والموت في بناء القصيدة في شعر بدر شاكر السياب"، واختار هذا العنوان مُتأثرًا بخطى أُستاذهِ علي الشرع في طريقة التعامل مع النصوص ومنهجيتهِ المُتميزة.

 

      وبعدَ ذلك أكمل دراستهُ  الدكتوراه في الجامعة الأردنية في عام 1996م، وفي هذهِ المرحلة من حياتهِ عانى معاناة شديدة وتحمل عبئًا كبيرًا لا نكاد نجد رجلًا يقدر على متابعة الدراسة في ظله، فقد انتقلت إلى الرفيق الأعلى والدتُه ومرض والده، بالإضافة إلى ما ذكرته الأعباء السابقة، وهكذا بدأت الحياة تضيق عليه شيئًا فشيئًا، إلا أنه لم يمتثل لضيقها، ولم يرض أن تكون دراسته سببًا في الحد من الدخل المادي لأسرته، فبات يعطي دروس تقوية في إحدى المراكز الثقافية حتى لا يشعر -قدر الإمكان- بالضيق أحدٌ من الأسرة غيره.

 

     وفي هذهَ الفترة عمل مُحاضرًا في مركز اللغات في الجامعة الأردنية لعام واحد، وبعدها أنهى مرحلة الدكتوراه في عام 2000م في فلسفة الأدب والنقد الحديث، بتقدير (جيد جدًا)، وبعد إكمالهِ لهذهِ المرحلة تعيّن مُباشرةً أُستاذًا مُساعدًا في جامعة جرش الأهلية، وكوّن فيها صداقات وزمالات رائعة وقريبة جدًّا لقلبهِ، واستمرت هذهِ المرحلة من حياته سنة واحدة، وبعدها انتقل إلى مدينة حايل في المملكة العربية السعودية، ليكون أُستاذًا جامعيًّا في كلية المعلمين في عام 2001م، واستمرت هذهِ المرحلة عامًا واحدًا أيضًا، وبعدها عادَ إلى الوطن وتعيّنَ في جامعة آل البيت في عام 2002م، وبدأ حياته الأكاديمية فيها.

 

     وفي هذهِ المرحلة من حياتهِ نشط في كتابة الأبحاث العلمية والكتب، والمشاركة في المؤتمرات أيضًا، فمن مؤلفاته على سبيل المثال لا الحصر: دراسة: التناص في الشعر العربي الحديث: السياب ودنقل ودرويش أنوذجًا. ودراسة: التناص في شعر الشاعر العثماني سيف الرحبي في عام 2014م. واشترك في المؤتمر الخامس لوزارة الثقافة في جامعة اليرموك لعام 2019م: المكان في الرواية الأردنية، ببحث تحت عنوان (المكان في رواية أبواب ومفاتيح).


      وفي مسيرته العلمية والعملية المُتميزة التي حقق خلالهما إنجازات جمَّة، اشترك في عدة جمعيات في كان فيها العضو النشيط والقائد الفذ، حيث كان عضوًا في لجان مؤتمرات تحضيرية وعلمية، ومحررًا في مجلة جمعية كُلية الآداب، وعضوًا في لجنة التحقيق في قضايا العاملين والأساتذة، ومقررًا في لجنة التحقيق في قضايا الطلبة في جامعة آل البيت، وكان له إسهام كبير في إلقاء المحاضرات والنشاطات العلمية المتنوعة على مدى الأعوام، فقد ألقى محاضرة النص الرقمي والتواصل الاجتماعي في جمعية الفكر في الرمثا في عام 2018م، وقام بندوةٍ تلفزيونية لبرامج آفاق قناة الرافدين، في ذكرى السياب لعام 2017م. 

 

       وبعد ذلك، في عام 2012م عمل أستاذًا مُشاركًا في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، واستمرَ فيها حتى نهاية عام 2013م، ثم في عام 2016م تعيّن برتبة أستاذ دكتور في جامعة آل البيت، وصار رئيسًا لقسم اللغة العربية وآدابِها، وهكذا متنقلًا من صرح علميٍّ إلى صرح علميٍّ أعلى، أنهى الأستاذ الدكتور عبد الباسط المراشدة حياتَهُ الأكاديمية في جامعة آل البيت في عام 2019م، مترأسًا خلالها عمادة كُلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة.


دَاءُ العَصْر

 

عمان_وكالة التميُّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة



المُخدرات هي بلاءُ العصر الذي أصبَحَ ينتشرُ في المُجتمع في الآونةِ الأخيرة بشكلٍ لم يسبق لنا رؤيتهُ، حتى أنهُ أصبحَ يُشكّلُ الخطرَ الأكبر على بناءِ المُجتمع وتطورهِ وحتى اسهامهِ في قيامِ شعبهِ، والمُخدرات باتت تُهددُ بإنهيارِ الأممِ والشباب، والمخدرات ما هي إلّا سمومٌ قاتلة تَهوي بحياةِ الأشخاص، ومن خلالِ دراساتٍ عالمية ومحلية أُثبتَ أنّ المخدرات تعمل على تعطيلِ إرادة الإنسان وتهوي بعقلهِ بعيدًا عن الصواب وتوصِلهُ إلى أشدِ الأمراض وأخطرها وتدفعُ الإنسان إلى ارتكابِ الأخطاء الفادحة حتّى في أبسطِ الحالات.


 وبيّن مصدر في مُكافحة المخدرات بأنّ الأسرة هي العامل الرئيسي والأساسي بهذهِ الظاهرة من خلال المشاكل الأُسرية والخلاف بين الزوجين والتفكُك الأُسري الذي يهوي بحياة الأبناء إلى هذا الطريق المُظلم، ومشاكل الطلاق أو حتى مُجرد الإستمرار بالخلافات بين الزوجين أمام الأبناء في أغلب المواقف يؤدي إلى كسر نفسية الأبناء وخروجهم للشارع للترويحِ عن ذواتهم وبالتالي فإنّ تعرضهم للمُخدرات ليسَ بالأمرِ المُستحيل.

وأضافَ المصدر بأنهُ لا بُدّ للشباب من لجوءهم للمُخدرات لنسيانِ واقعهم المَرير الذي يعيشونَ به، من بطالة وتدني مستوى المعيشة الذي يؤدي بهم إلى العجز عن توفيرِ مُتطلباتِهم الأساسية، وهذا الأمر يؤدي بهم إلى ضعفِ قُدرتهم على التحمُل، فإنهُ بلا شكٍ أو تردد سيقودُهم إلى ارتكابِ هذهِ الجريمة للتجارةِ أو التهريبِ أو الترويج لتحسينِ حالتهم المادية وبنهاية المطاف يُصبحُ الأمر بغاية الصعوبة للإبتاعد عنه ونرى بأنّ الشبابَ عالقونَ بهذا الطريق الذي لا رجعةَ عنهُ.


وبجانبٍ آخر ولا يُمكننا غضَ النظرِ عنهُ بأن الإفراطَ في "تدليل" الأبناء وتلبية رغباتهم بدون استثناء قد يؤدي إلى طريقٍ مُعاكس، كتلبيةِ رغباتهم بمنحهم المال الزائد، ومنحهم الثقة المُفرطة الخالية من الحدودِ والمسؤوليات، ومنحهم الصلاحية التامة للسهرِ لوقتٍ مُتأخر خارج المنزل، وعدم الإطلاع على تكوينِ صداقاتهم بِحُجة الإنفتاح والحُرية الشخصية لهُم.


وبيّنَ المصدر بأنّ ضعف الوازع الديني لدى الأفراد والشباب خُصوصًا لهُ أثر كبير في حياتهم، ويُعتبر من العوامل الرئيسية ومن الأساسيات التي تعمل على ضبط سلوك الأفراد وتعاملهم، حيث يُعتبر ضعف الوازع الديني بعدم اللجوء إلى الله في الصعاب والشدائد أمر محتوم لوقوع الشباب في الطريق الخطأ والمُعاكس مثل المُخدرات وغيرها من الأمور المُفسدة، كما أنّ رجُل الدين والرجل المؤمن بعيد أشدّ البُعد عن المُحرمات بجميع أشكالها.

 

وأشارَ المصدر بأنّ العمالة الأجنبية لها أثرٌ كبير في التأثير على ثقافة المُجتمعات، بدخولهم بحياة العائلة ونقلهم لعاداتهم وتقاليدهم لهم، والترويج للمُخدرات للشباب والمُراهقين من خلال الوقت الذي يقضونه معهم بغياب الأهل، وكذلك انخفاض مُستوى الثقافة لدى الشباب، وجهلهم بالآثار التي قد تُلحقُها مثلَ هذهِ المواد المُخدرة بالجسم، قد يدفعهم لمُمارسة وسائل غير مشروعة لتعويضهم لهذا النقص  وبالتالي يرون أنفسهم متساويين مع الآخرين.

 

بالإضافةِ إلى العامل الذي لهُ آثارٌ جمّة في حياةِ الشباب وهو رفاق السوء، والتقليد الأعمى وحُب التجربة، ونعلمُ أنّ الشباب ينصاعونَ دائمًا وراءَ أقرانهم لإتباع تصرفاتهم، فهذا العُمر لا يُمكن لغالبية الشباب تحديد السلوك الجيد من السلوك الغير جيد، فيُصبح السكوت أيضًا من علامات الصداقة وحتى الرجولة فتجدهم قد انحرفوا في هذا التيار من غيرِ وعيٍ منهم ولا مسؤولية.

 

ونعلمُ أيضًا بأنّ الفراغ له نتائجٌ سلبية لا حصرَ لها فالمُراهق لا يُقدّر قيمة الوقت ويقوم بتعبئة وقتهِ بمثلِ هذهِ الأمور للتسلية ولكن ليسَ مُدرك للعواقب بعدها، كما أنّ السفر للخارج بغرض الدراسة أو العمل يعمل على تعزيز هذا البلاء عند الشباب من خلال قلة المُراقبة من قِبل الأهل والإنفتاح على ثقافات بعيدة أشدَّ البُعدِ عن ثقافاتنا والمبادئ التي نعيشُ عليها وتوارثناها عن أجدادنا فَيُتيح لهم فُرصة الإنخراط بهذهِ المُجتمعات والتأثُر بهم من عادات وتقاليد وسلوكات، فكُل ما سبق قد يؤدي بهم إلى الوقوع بهذا الطريق الذي لا رجعةَ عنهُ.

 

وبالتالي فهُناكَ آثارٌ يُلحقها المُدمن بمجتمعهِ، فمثلًا يُلحقُ ضررًا من الناحية الإقتصادية ببلدهِ لأنه يُصبح شخصًا غيرَ فعال في المُجتمع لأنّ المواد المُخدرة تعمل على إصابة الشخص بعقلهِ أو نفسيته أو جسمه فإنهُ لا يستطيع تقديم أي شيء ولو بسيط لأُمته، فالأضرار الإقتصادية تنتُج عن عدم قيام أبناء الأمة بتقديم الخدمات لمجتمعاتهم وعدم قيامهم بأي خطوةٍ لتطورِ وازدهارِ امتهم، لأنّ طاقاتهم تُهدر وقوتهم الجسدية ليست قادرة على التحمُل.

 

ومن الناحيةِ الأمنية ثبتَ بأنّ المُتعاطي يُصبح أكثرُ عدوانًا خلالَ دخوله هذهِ الحالة فيصبح قادرًا على ارتكاب الجرائم بكافة أشكالها، ومن الناحية السياسية فقد يؤدي مثل هذا الأمر إلى ضعف الأمة وضعف تماسُكها وبالتالي يُصبح سهل النيل منها، أمّا دينيًا يفقد المُدمن صلتهُ بربه وبالتالي لن يقوم بأي شيء من الواجبات المطلوبة منهُ دينيًا لأنّ تأثير المُخدرات يمنعهُ من ذلك.

 

ونهايةً للحد من هذهِ الظاهرة والتغلُبِ عليها لا بُدَّ لوسائل الإعلام أن تعمل جاهدة على زيادة الوعي للشباب، من خلال المُحاضرات التوعوية والبرامج التلفزيونية التي تُبيّن للشباب والأفراد كافةً مدى خطورة التعاطي لمثلِ هذهِ المواد المُخدرة والآثار الجانبية التي تؤدي لها وحتى العقوبات المُترتبة عليها، والتعليم في المدارس والجامعات لهُ أثرٌ كبير أيضا على التوعية والحث من قِبل المُدرسين والمُرشدين القائمين في المسيرة التعليمة،  والأُسرة سلاحٌ ذو حدين مثلَ ما تُعد من احدى الأسباب التي تدفعُ للتعاطي فهي أيضًا احدى الأسباب التي تقي الشباب من هذا البلاء كإحتواءهم في سن المراهقة وزيادة الوعي لديهم والرأفة بهم وابعادهم عن المشاكل والضغوطات النفسية.

 

هَكَذا تولَدُ الإرادة

 

عمان_وكالة التميُّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة


  من الإعاقة رسمَ ابتسامة، وأنجزَ مُرادَهُ للوصولِ إلى القمم، سارَ على سُلم النجاح حتى باتَ المُعتصم مثلًا يُحتذى به، لم يُفسح المجالَ لإعاقتهِ بأن تهوي بهِ إلى الهاوية، وأخذَ المعتصم بالله بأن اعاقته ليست حاجزًا لتحقيقِ أحلامه والوصولِ إلى غايته، المُعتصم بالله أبو محفوظ الشاب ذو الأربع والعشرينَ عامًا، من مدينة الزرقاء، بدأت قصةُ هذا الشاب منذ ولادته عندما استقبلهُ أهلهُ بحُبٍ وشغف، ولكن أُصيبَ المعتصم بالله عند ولادته بنقص الأكسجين مما أدى إلى حدوث شلل دماغي، مما تركَ الأثر على حركتهِ ونُطقهِ.

 

أقرَّ المعتصم بالله خلالَ حديثهِ بأنهُ كانَ محبوبًا جدًا لزملائهِ مُنذُ صِغرهِ لِما كان يبعثُ داخلهم من الأملِ والبهجةِ والتفاؤل، وكان المُعتصم بالله من الأشخاص المُتميزين، فكانت روحُ المُثابرةِ والجِد والإجتهاد تغزو حياته مُنذُ الصِغر، ولكن بالرغم من هذهِ المميزات التي تميّز بها المعتصم إلا أنهُ واجَه الصعوبات في ارتيادهِ للمدرسة ولم يكُن الأمر بتلك السهولة عليه وعلى والدَيه لعدم وجود مدرسة تحتويهِ وتحتوي اختلافه حيثُ يقطُن مما اضطرهُ لإرتياد مدرسة في العاصمة عمان.

 

وأضافَ المُعتصم بالله بأنهُ استطاعَ التغلُب على نظرة المُجتمع السلبية التي واجهتهُ مُنذ الصغر بالإبتسامة التي لم تُفارق وجههُ وبالإضافةِ إلى الدعم الذي تلقاهُ من والديه وأقاربه، فشبّه المعتصم دعمَ الوالدين  "باللَبْنة الأساسية لنجاح الإنسان"  وأنهُ دون دعم والديه لَما كانَ لهُ هذا الكم الهائل من الإنجازات، وعندما تقدمَ الزمن ومع مرور الوقت أصبحَ يُحارب نظرة المُجتمع بالإنجازات الجمّة التي قام على تحقيقها بالإضافة إلى فكرهِ المُتميز الذي جعلهُ يصعد إلى سُلم النجاح أسرع.

وحوّلَ المُعتصم بالله الإعاقة إلى نجاحٍ كبير لا يُمكن للأغلبية الوصول إليه وتحقيقه بالرغم من صحتهم الكاملة، فعندما ترى الإعاقة بعين النعمة لا بعين النقمة ستتغير كُل مفاهيم وأُسس حياتك، وعندما تكون لديكَ القناعة التامة والرضى التام بأنها أكبر نعمة رزقك الله تعالى بها سيعكس كُل هذا الرضى على حياتك، فالإعاقة كنزٌ مدفون ويجب على الجميع البحث عنها لدعمِ صاحبها، فذوي الإعاقة كالجوهرة بحاجة إلى سقل وتلميع واهتمام، وسارَ المُعتصم على خُطى النجاح بإصرارٍ قوي لكي يُثبت للمُجتمع بأن الإعاقة هي إنسانٌ قوي وقادر أن يكون انسانٌ فعال.

 

أشارَ أبو محفوظ بأنَهُ كان نشيطًا وتعتليهِ روحُ التنافس مُنذُ صِغره حيث حظيَ بلقب بطل المملكة في الشطرنج لعام 2011م، وأضافَ المُعتصم بالله أنهُ حاول الكتابة بيديه على جهاز "الآيباد" ولكنَهُ كان يشعُر بصعوبةٍ كبيرة، وعملَ جاهدًا ليكتب بإصبع قدمهِ ولم تُجدي هذهِ الأخرى معَهُ بأي فائدة، وبعدَ ذلك توصّل المُعتصم بالله إلى طريقة الكتابة بالأنف وكانت فعالة للغاية ووصفَ المعتصم بالله وصوله لهذهِ الطريقة "بأنّ الحاجة أم الإختراع".

 

دخلَ المُهندس المُعتصم بالله جامعة الزرقاء بعد تفوقهِ بالثانوية العامة ليدرس هندسة البرمجيات، وأضافَ المُعتصم بالله بأنَّ هذهِ المرحلة من حياته كانت مليئة بالإنجازات الضخمة، ليتحدى نظرة المُجتمع التي كانت تُقلص من مكانته وشخصيته، فقام بتأليف أول كتاب لهُ بعنوان "نظرات ثاقبة" في السنة الأولى من حياتهِ الجامعية، وبعدَ نجاح كتابهِ الأول ارتقى المعتصم لتأليف رواية "عاشقة صاحب الكُرسي" وبعدَ نجاح روايتهِ أيضًا قام بتأليف كتاب "لو كُنتَ مكاني" وعندَ انتهائهِ من مسيرتهِ الجامعية بتقدير (جيد جدًا) قامَ المعتصم بالله بتأسيس مشروع خاص به مُختص بالتسويق الإلكتروني، وما زال المعتصم بالله مُستمرًا بإنجازاتهِ الجمَّة ومُدركًا بإن الإعاقة ما هي إلاّ إعاقة الخُلق وليس الجَسد.