عمان_وكالة التميُّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة
ترتفع في يومنا هذا أصوات من كل جانب تطلب يد العون لمساعدة لغة الضاد من الضياع الذي حلّ بها وشاكيةً الألم الذي وصلت إليه هي وأبناءُها، وخائفة أشد الخوف من القادم، هذه الأصوات ما هي إلاّ أصوات صادقة تنزف من الواقع الذي وصلنا إليه، وصادقة أشدّ الصدق في أنّ لُغة الضاد أصبحت فريسةً في خطر إن لم يُسارع العالم في تغيير واقعها الذي لا ينكره أحد. وتشهدُ الجامعات الأردنية اليوم تراجُعًا كبيراً في لغة الضاد لدى الطلبة وضعفًا في القراءة والكتابة وحتى التعبير وقد تفشت هذهِ الظاهرة حتى أصبحت أمرًا ملحوظًا في جميع الأقطار العربية.
ومن خلال محاورة صحفية ابتدأت الدكتورة
خلود العموش أُستاذة علم اللغة والنحو المشاركة في الجامعة الهاشمية بأن الطلبة
يعانون والكتبة عمومًا ضعفًا كبيرًا في اللغة العربية قراءة وكتابة ومحادثة، وهذا
الضعف له تجليات ومظاهرعديدة من أبرزها عدم قُدرة الطلبة على التعبير عن ذواتهم
بلُغة صحيحة وعدم إقتدارهم على ما يجول بخواطرهم دون أخطاء كما أنّ مَلكاتِهم
القرائية في الشعر والنثر تُعد متواضعة جدًا.
كما أفادت أن أسباب ذلك مُتعددة وبعضها جوهري وبعضها ثانوي ومن أهم ذلك ضعف مُعلمي اللغة العربية في المدارس، كما عبرّت الأستاذة خلود بأن "فاقدُ الشئ لا يُعطيه". وأشارت أيضًا أنّ اهتمام أولئك ينصب في العادة على إستظهار القواعد أو المسائل اللغوية دون الحرص على تطبيق المهارات اللغوية في واقع الإستعمال؛ فتكون القاعدة والمسائل النظرية في واد وإستعمال القاعدة وتطبيق مهارات اللُغة في وادٍ آخر.
كما أشارت أنه من أسباب ذلك ضعف القراءة والمطالعة لدى الطلبة وهذا لا يؤدي إلى ضعف اللغة فقط وإنما ضعف البُنيان الثقافي لدى الطالب في المجالات المُختلفة. وقالت العموش بأن العلاقة بين المدرسة والجامعة جدليّة تستحق الوقوف إذ تدفع المدارس بطلبتها الضعفاء أصلًا إلى الجامعة؛ ويأتي إلى أقسام اللُغة العربية أضعف الطلبة ومهما اجتهدت هذهِ الأقسام بسويّة أولئك الطلبة فإن النتيجة بالغالب تكون لصالح استمرار متوالية الضعف، ويعود أولئك الطلبة مُعلمين إلى المدارس. "فماذا ننتظر من ثمارههم؟" ولا بد من معالجة الموضوع معالجة جذرية بأن يُختار أفضل الطلبة لدراسة لُغة الأمة ووعاء ثقافتها ولسان تنزيلها.
كما لفتت الأُستاذة خلود العموش بأنه لا بُدّ أن يَخرج مُعلم اللغة العربية من حدود المهنة إلى آفاق تخصصهِ العظيم عنوانًا لهذهِ اللُغة الشريفة التي خصّها الله عز وجل لسانًا لقرآنهِ سُبحانَهُ وتعالى فهو ليس موظفًا وهو ليس كأي مُعلّم، بل هو رُكن ركين في بناء الأمة، فليس كُل أحد يصلُح لأن يكون مُعلمًا للعربية، بل لا بُدّ من الإصطفاء والإختيار وحُسن الإعداد والتسلح بكل مقومات العلم الحديث.
كما أضافت العموش أنهُ علينا أن نقف
طويلًا أمام ظاهرة ضعف الطلبة في العربية، فهو ضعف في مقومات الأمّة والدولة
فاللغة القومية هي واحدة من أسرار قوّة الدول والأمم والعمل على الإرتقاء بها
إنما هو إرتقاء ببناء الدولة والأمة، والأمة التي لا تُحسن التعبير بلسانها
ضعيفة مهما توافرت لها أسباب القوة المادية.
كما أشارت أستاذة علم اللغة والنحو أنه لا بُدّ من مواجهة المشكلة لا التسويف بها، وعلينا أن نوظف الإعلام فهو حصان طروادة كما يصفهُ الأستاذ الدكتور نهار الموسى، خاصة في بناء لغة الصغار من خلال توفير برامج للأطفال ومواد إعلامية ثمينة في المحتوى واللسان والثقافة فهو أقدر على الإرتقاء بذائقة الطلبة وتعبيرهم. وكما وصفت الدكتورة خلود العموش بأن وسائل التواصل الحديثة سلاح ذو حدين فإما أن تكون آداة للهدم أو للبناء بحسب ما يُراد لها، وإنّ من يتصفح مواقع التواصل اليوم ليظن أن اللغة العربية في حالة احتضار لكثرة ما فيها من الأخطاء.
كما ذكرت العموش أنه في الجامعات لا بُدّ من تعريب التعليم في التخصصات كافة ولا بُدّ من تطوير المُحتوى لمادة اللغة العربية مُتطلبًا جامعيًا بحيث تؤدي غرضها قي رفع سوية الطالب اللغوية في واقع الإستعمال، قراءة وكتابة ومحاورة، وليس مُجرد متطلب عابر في حياة الطالب. ولفتت الدكتورة خلود العموش أنهُ يجب الإبتعاد عن التلقين في تدريس اللغة والإنتقال إلى فضاء الممارسة والتواصل وأن ندرب طلبتنا على مهارات التواصل اللغوي الفعّال والمُثمر.
وقالت العموش أنّ هناك ضعفًا لدى طلبة الدراسات العُليا، والطموح أن تكون أطاريحهم أفضل مما هو كائن وأن تكون هذه الرسائل مرآة ساطعة للُغتهم الأم في أجمل تجلياتها. وكما اعترفت الدكتورة خلود العموش بأن الطالب يقوم بالتفاخر بإستعمال اللغات الأجنبية وزهوهِ بها يجب أن يتوقف ويجب أن يحل محلَهُ إعتزاز صريح بلغتنا القومية لُغة القرآن الكريم فإنه ما تركَ قوم لغتهم إلاّ ذلّوا.
واختتمت العموش في نهاية المحاورة بأن
الطالب اليوم لا يُحسن القراءة ولا يُحسن التعبير، وإذا قرأ فإنهُ لا يفهم بشكل
صحيح ما يقرأ وهذهِ مظاهر صغيرة ينبغي أن تتوقف، ولا بُدّ من تضافر الجهود
لحلها والتنسيق الكامل بين المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام في خدمة هذا الهدف
الجليل.

