عمان_وكالة التميّز الإخبارية_ضُحى محمد الدقامسة
الجرائم بحق المرأة تحت مُسمى
"الشرف". اختلفت المسميات لهذهِ الجرائم، ولكن النتيجة واحدة، وهي ازهاق
روح المرأة بلا رحمة، إذ أصبحنا في السنوات الأخيرة نسمع بهذهِ القضايا على أنها
"غسلٌ للعار" كما تصفها بعضُ القبائل، ولكن حتمًا سندرك بأن هذا العار
ما هو إلا بداخلِ عقولهم الشرسة، وأصبحت الأعداد لهذهِ الجرائم في تفاوت في
السنوات الأخيرة، وبحسب الإحصائيات في موقع الوزارة الأردنية،
سُجّلت تسع جرائم من هذا النوع في عام 1995، وست جرائم في 1998، وارتفع العدد في
2006 إلى 18، وفي 2007 إلى 17. فيما تقول إحصائيات معلنة أخرى إن 12 جريمة بذريعة
الشرف سجلت عام 2014، وثمانية عام 2016. وبينما تقدّر منظمة هيومن رايتس ووتش
المعدّل السنوي لهذه الجرائم في الأردن بين 12 و14 جريمة، ذكرت تقارير صحفية إن
عددها في العام قبل الماضي (2019) بلغ 20 جريمة.
وأقرّ الدكتور يوسف الخطايبة (أستاذ علم
الاجتماع المُشارك في جامعة البلقاء التطبيقية) بأن جرائم الشرف في الأردن شأن
المجتمعات العربية بشكل عام. تقع هذهِ الجرائم بإتجاه المرأة من قِبل الرجل،
وعادةً إمّا يكون من قِبل الأب أو الأخ أو أحد الأقارب من الدرجة الأولى ولكن يكون
الأخير بأضعف الحالات. وهذهِ الجرائم ترتبط بظروف اجتماعية وعوامل ثقافية ودينية
إلى حدٍ كبير، بحيث أنه عندما تقترف المرأة أي حالة من حالات الإنحراف السلوكي
المتعلق بالأخلاق تدفع الأقرباء من الدرجة الأولى إلى ارتكاب الجريمة كعقاب على ما
قامت بهِ من تصرف وخاصة التصرف المتعلق بالعلاقات الغير شرعية، والخيانة الزوجية،
وخيانة عُرف العائلة.
وقالَ الخطايبة بأنّ العالم العربي والمجتمع
الأردني بخاصة يسودُهُ ثقافة جامدة وقيم وأعراف وعادات وتقاليد تُحرّم على المرأة
إقامة علاقات خارج حدود الإطار الأسري المُتعارف عليه، وهذهِ العلاقات الغير شرعية
يعتبرها المجتمع بثقافتهِ وبدينهِ وقيَمهِ وأعرافهِ تجلب ما يُعرف "بالعوق
الاجتماعي" وفي حال ثبتت فإنه يُمارس عليها أشد أنواع العقوبات. وارتبطت
بالعالم العربي جرائم الشرف بالقيم الثقافية والعُرفية التي تؤكد على "العار
وشرف العائلة" بحيث أنهُ من الممنوعات على المرأة قطعًا أن تُقيم علاقات خارج
المألوف الاجتماعي والشرعي مع الأشخاص الآخرين، وإذ قامت بذلك فهذا مُرتبط بشرف
العائلة وبالتالي فإنهُ يدفع للقيام بأعمال العنف ضدها. ولكن جرائم القتل بحق
المرأة مهما كان الدافع لها فيجب مُحاربتها بكافة الطرق.
ولفتَ الخطايبة بأنّ المُجتمع عادةً ينقسم
إلى عدة أقسام أغلبها قد يكون مع أن تُعاقب المرأة إذا قامت بأفعال مُخالفة
للعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية المبنية على الثقافة الاجتماعية السائدة في
المجتمع، الذي يُحرّم على المرأة القيام بأي تصرفات سلوكية مُنحرفة مع أشخاص آخرين
وخاصّة فيما يتعلق بالمسألة الجنسية تحديدًا. لأنّ هذا الأمر تحديدًا يُعتبر من
الأمور التي تجلب "العار" للعائلة وبالتالي الحل الوحيد الذي يكون بيد
الأسرة وذويها بأن يتخلصوا من العار، بقتل المرأة إذا ثبت تورطها بمثل هذهِ
الأمور. وقسم آخر من المُجتمع يُجرّم هذا الفعل ويعتبرهُ جرائم نكراء وبشعة لا تمت
للإنسانية بأي صلة وإن كانت هُناك وقوعات وانحرافات، ولكن يجب أن يكون هُناك
قوانين عادلة هي التي تتولّى مسألة أخذ الحقوق من المُرتكبين.
وصرحَ الخطايبة بأنّ أقوى عامل تؤمن به
القبائل "لغسل العار" وهو القتل كما يعتقدون وأنهم يؤمنون بقدسية هذا
العُرف وهو بالتأكيد مرتبط ارتباط وثيق بشعور الانسان وما بُنيَ عليهِ من عادات
وتقاليد بحيث أنه هناك ما يُسمى "بثورة الدم" وقد تأتي بحالات قتل نتيجة
لسماع شيء يُنافي الأعراف والعادات. وكما لفتَ الخطايبة بشأن العقوبات الناتجة عن
هذهِ الأفعال بأنها كانت عقوبات مُخففة بحق الجاني بسبب الاعتبار بأنها ردة فعل
ناتجة عن أمر مُخل بالأعراف والعادات والقيم المُجتمعية السائدة.
وندد المُحامي الشرعي في القطاع الخاص حسن
الشرادقة بأنّ المفهوم العام "للقتل بداعي الشرف" هو ازهاق روح
المجني عليها وعاده ما تكون أُنثى، وهي جريمة بشعة نكراء تدخل ضمن نطاق الأسرة
سواء كان الفاعل الأخ أو الأب أو الزوج. والهدف منها طمس فعل مذموم بحق العائلة والأسرة.
أمّا من الناحية الشرعية، فلم يرد تعريف خاص لهذه الجريمة إلّا وأنّ المدلولات
تشير الى أنّ هذا الفعل ماهو إلّا جلب العار بسلوك معين ومعيب يتم من خلاله الإضرار
بالنفس ووقوعها بالحرام.
وأشارَ
الشرادقة بأنّ نظرة الإسلام لهذا الفعل نطرة انسانية وأخلاقية قبل أن تكون عقوبة
رادعة فقد نهى الإسلام عن قتل النفس لقوله تعالى: "ومن قتل نفسا بغير نفس فقد
قتل الناس جميعا ومن أحياها فقد أحيا الناس جميعا" والأصل قبل التفكير بالقتل لتلك النفس لا بدّ من
الأخذ بالأسباب لأن مثل هذا الفعل يحتاج إلى بَينّة ووعي وشهادة أربعة شهود عدول
موثوق بهم أو الإقرار من قبل الطرفين أو
طرف واحد لأن الأحكام الشرعية لا تُبنى على الشك والوهم. والزنا لا يُقام حده حتى يثبت بالبينّة. لهذا
السبب الأصل التروي قبل الفعل والشريعة الإسلامية سمحاء تعاطفت في مثل هذه الأفعال
بالرغم من حرمتها، لا بل أنّ الله ستار يحب الستر فالأصل بالأفعال الستر وعدم كشف
الحاجة.
وبينّ الشرادقة بأنّ أحكام الشرع كثيرة وقد تم تفصيلها بالقرآن الكريم والسنة النبوية والأصل الأخذ بالأسباب لقول رسول الله: "لا يزال المؤمن في فسحةٍ من دينهِ ما لم يصيب دمًا أو حرامًا" لا بل إنّ ازهاق الروح بذريعة الشرف أمرًا غير مستحب لأن الله تعالى قد نهى عن القتل وأمرَ بالستر لقولهِ تعالى "وإذا بليتم فاستتروا" فالعبرة بالستر لا بالقتل. والسبب الرئيسي للقيام بهذا الفعل بحق الفتاة فهو طمس الفعل وهو "العار" الذي تم جلبه للأهل والأسرة كما يدّعون، لأن الشرف يُعتبر أمانة مادية وأخلاقية للفتاة والعائلة وأنّ الإستهانة بهذا الفعل يجعل من تفك الأسرة أمرًا غير مستحب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق